يكتسب القطاع الخاص في المملكة العربية السعودية زخمًا ملحوظًا، متجاوزًا التحديات التي تواجه الأسواق العالمية. فقد سجل الربع الثاني من عام 2024 نموًا قويًا في عدد السجلات التجارية الجديدة، بنسبة بلغت 78 % مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. ويشير هذا الرقم إلى طفرة في تأسيس الشركات الجديدة في المملكة، خاصة تلك التي يقودها رواد الأعمال، ما يعكس بيئة أعمال محفزة وداعمة للإبداع والابتكار.
وتعزى هذه النسبة القياسية في تأسيس الشركات الجديدة في المملكة إلى مجموعة من العوامل، أبرزها: الرؤية الطموحة التي تتبناها المملكة لتحويل اقتصادها، والسياسات الحكومية المشجعة على الاستثمار، وتسهيل إجراءات الأعمال. كما أن البرامج والمبادرات التي تستهدف دعم رواد الأعمال، مثل: برنامج “كفاءات”، قد لعبت دورًا حيويًا في تمكين الشباب السعودي من تحقيق أحلامهم الريادية.
ويؤكد هذا النمو المتسارع للقطاع الخاص على قدرة المملكة على مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية، وتعزيز مكانتها كمركز إقليمي للأعمال والاستثمار. فالشركات الصغيرة والمتوسطة، التي تمثل العمود الفقري للقطاع الخاص، تساهم بشكل كبير في خلق فرص العمل، وزيادة الإنتاج المحلي، وتعزيز التنوع الاقتصادي.
ومن المتوقع أن يستمر نمو عدد الشركات الجديدة في المملكة خلال الفترة المقبلة، مدفوعًا بالاستثمارات الضخمة في مختلف القطاعات، وتزايد الطلب على المنتجات والخدمات المحلية. كما أن دخول المملكة عصر الصناعة 4.0، مع التركيز على التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي، من شأنه أن يفتح آفاقًا جديدة للنمو والازدهار.
وفي ظل هذه التطورات الإيجابية، يتحتم على الحكومة والمؤسسات المعنية مواصلة جهودها لدعم رواد الأعمال وأصحاب الشركات الجديدة في المملكة وتوفير بيئة أعمال جاذبة، مع التركيز على تطوير المهارات والكفاءات اللازمة للمنافسة في الاقتصاد الرقمي.
كما يجب على القطاع الخاص أن يستثمر في البحث والتطوير، وأن يبني شراكات استراتيجية مع الجامعات والمؤسسات البحثية، لتعزيز قدرته على الابتكار وتطوير منتجات وخدمات ذات قيمة مضافة.
فهرس المحتوي
نمو قياسي في السجلات التجارية بالمملكة
يشير مرصد المنشآت الصغيرة والمتوسطة إلى تحقيق نمو قياسي في عدد السجلات التجارية لتأسيس الشركات الجديدة في المملكة خلال الربع الثاني من عام 2024؛ حيث ارتفع بنسبة 78 % مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. ويعكس هذا الرقم المتصاعد حيوية الاقتصاد السعودي وتزايد الثقة لدى المستثمرين، سواء كانوا من الرجال أو النساء.
المرأة السعودية
وتشير الأرقام إلى دور بارز للمرأة السعودية في هذا النمو؛ حيث بلغت نسبة السجلات التجارية المملوكة لنساء 45% من إجمالي السجلات الجديدة.
وهذا مؤشر واضح على تمكين المرأة اقتصاديًا وزيادة مشاركتها في سوق العمل. ما يساهم بشكل كبير في تنويع مصادر الدخل وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام.
أرقام قياسية في إصدار السجلات التجارية
وبحسب أحدث الإحصائيات، بلغ إجمالي السجلات التجارية القائمة في المملكة 1.5 مليون سجل بنهاية الربع الثاني من العام الجاري. بينما وصل عدد السجلات الجديدة الصادرة خلال نفس الفترة إلى 121,521 سجلًا.
ويمثل هذا الرقم زيادة بنسبة 4.3% مقارنة بالربع الأول من العام نفسه؛ ما يؤكد استمرار الاتجاه الصعودي في نشاط التأسيس للشركات والمؤسسات.
توزيع جغرافي متوازن
وعلى مستوى المناطق، توزعت السجلات التجارية بشكل متوازن بين مختلف مناطق المملكة؛ حيث حازت الرياض على النصيب الأكبر بنسبة 32% من إجمالي السجلات، تلتها مكة المكرمة بنسبة 23%، ثم المنطقة الشرقية بنسبة 15%. وشكلت المناطق الأخرى نسبة 30% من إجمالي السجلات.
تحليل الأرقام والمعطيات
يعكس هذا النمو المتسارع في عدد السجلات التجارية مجموعة من العوامل الإيجابية، منها:
- تحسن بيئة الأعمال: يأتي هذا النمو نتيجة للتحسن الملحوظ في بيئة الأعمال بالمملكة؛ حيث تبنت الحكومة سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية الجريئة التي ساهمت في تسهيل إجراءات تأسيس الشركات الجديدة في المملكة وتقليل البيروقراطية.
- كما عملت هذه الإصلاحات على تعزيز الثقة لدى المستثمرين المحليين والأجانب. ما شجعهم على ضخ استثمارات جديدة في السوق السعودي.
- دعم ريادة الأعمال: لعبت المبادرات الحكومية لدعم ريادة الأعمال دورًا حيويًا في هذا النمو؛ حيث أطلقت الحكومة العديد من البرامج التي تستهدف تمكين رواد الأعمال وأصحاب الشركات الجديدة في المملكة وتوفير التمويل اللازم لهم.
- كما قدمت هذه البرامج الدعم التقني والتسويقي للشركات الناشئة، ما ساهم في زيادة فرص نجاحها.
- زيادة الوعي بأهمية ريادة الأعمال: ساهم الوعي المتزايد بأهمية ريادة الأعمال لدى الشباب السعودي في دفع عجلة النمو؛ حيث أصبح الشباب يدركون أن ريادة الأعمال هي أحد أهم الخيارات المتاحة لهم لتحقيق الاستقلال المالي والمشاركة في بناء الاقتصاد الوطني.
- تطور القطاع الرقمي: لعب التطور الكبير في القطاع الرقمي دورًا محوريًا في تسهيل إجراءات التسجيل والتراخيص للشركات؛ حيث أصبح بإمكان رواد الأعمال إنجاز العديد من الإجراءات إلكترونيًا. ما وفر عليهم الوقت والجهد.
التقنية المالية في السعودية
يواصل قطاع التقنية المالية في المملكة العربية السعودية تحقيق تقدم ملموس؛ ليصبح واحدًا من الأعمدة الرئيسية لرؤية السعودية 2030.
ومنذ إطلاق مبادرة “فنتك السعودية” في عام 2018م من قبل البنك المركزي السعودي “ساما” وهيئة السوق المالية، شهدت المملكة طفرة غير مسبوقة في هذا المجال.
وقد أكدت هذه التطورات على الدور المتنامي للتقنية المالية؛ حيث جاء الاكتتاب الأولي لشركة “رسن” -وهي أول شركة في مجال تقنية التأمين والتقنية المالية بالمملكة- في مايو 2024م، ليبرز الاهتمام الاستثنائي من المستثمرين ويؤكد على قوة هذا القطاع المتنامي.
دور التقنية المالية في رؤية 2030
يشكل قطاع التقنية المالية محورًا أساسيًا ضمن رؤية السعودية 2030؛ حيث يعد ركيزة هامة في برنامج تطوير القطاع المالي.
ويساهم هذا القطاع بفعالية في جهود تنويع الاقتصاد الوطني من خلال تعزيز الابتكار في الخدمات المصرفية والتمويلية والتأمينية.
ومع الزيادة المستمرة في الاعتماد على الخدمات المصرفية الرقمية والمدفوعات الإلكترونية، شهدت المملكة ظهور قطاعات فرعية جديدة ضمن التقنية المالية. مثل: المدفوعات، والتمويل، والتأمين، والمصرفية المفتوحة.
النمو المستمر والاستثمارات الكبيرة
وفقًا لمرصد المنشآت الصغيرة والمتوسطة، فقد شهد قطاع التقنية المالية استثمارات ضخمة وغير مسبوقة؛ حيث ارتفع عدد شركات التقنية المالية في المملكة إلى أكثر من 216 شركة بحلول نهاية عام 2023م. هذا النمو الكبير أدى إلى خلق أكثر من 6,500 وظيفة مباشرة في القطاع. منها 5,973 وظيفة تحت إشراف البنك المركزي السعودي.
كما بلغ حجم استثمارات رأس المال الجريء في القطاع أكثر من 6.9 مليارات ريال سعودي. ما يعكس ثقة المستثمرين في إمكانيات هذا القطاع الواعد.
إنجازات ومبادرات بارزة في التقنية المالية
سجلت النسخة الثالثة من مسرعة أعمال “فنتك السعودية” مشاركة 10 شركات تقنية مالية. بالإضافة إلى توفير أكثر من 300 فرصة تدريب وظيفي للمواهب الشابة. كما شهدت “جولة فنتك” لعام 2023م مشاركة أكثر من 12 ألف شخص. بينما شارك أكثر من 8 آلاف فرد في معرض “وظائف التقنية المالية”. ما يعكس الاهتمام الواسع والمتزايد بهذا القطاع.
التطلعات المستقبلية لقطاع التقنية المالية
تعمل المملكة على تعزيز نمو قطاع التقنية المالية من خلال مبادرات مستقبلية مهمة. من أبرز هذه المبادرات “معمل المصرفية المفتوحة”. الذي يستهدف توفير بيئة تعاونية للبنوك وشركات التقنية المالية لتطوير واختبار واعتماد خدمات المصرفية المفتوحة. كما تحرص “الأكاديمية المالية” على زيادة الدورات التدريبية والشهادات المهنية. ما يسهم في تطوير المهارات والكفاءات لدى رواد الأعمال والمنشآت الصغيرة والمتوسطة في مجال التقنية المالية.
علاوة على ذلك، يحرص برنامج “مكن” إلى دعم وتمكين الشركات الناشئة من خلال خفض تكاليف الالتزام بالمعايير الفنية والتقنية. مع التركيز على تطوير جودة المنتجات والخدمات المقدمة. بهذه الجهود والمبادرات، يتطلع قطاع التقنية المالية في المملكة إلى تحقيق المزيد من النمو والازدهار. ما يساهم في بناء اقتصاد متنوع ومستدام يلبي طموحات رؤية السعودية 2030.
استراتيجية التقنية المالية في السعودية
في إطار سعي المملكة العربية السعودية نحو تحقيق أهداف رؤية 2030 الطموحة. والتي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتحويله إلى اقتصاد قائم على المعرفة. أطلقت حكومة المملكة استراتيجية طموحة للتقنية المالية في عام 2022م. تأتي هذه الاستراتيجية كركيزة أساسية في برنامج تطوير القطاع المالي؛ حيث تسعى إلى تعزيز مكانة المملكة كمركز إقليمي رائد في مجال التقنيات المالية. وتحقيق نقلة نوعية في القطاع المالي والمصرفي.
أهداف طموحة وأرقام قياسية
تستهدف استراتيجية التقنية المالية السعودية تحقيق مجموعة من الأهداف الطموحة. والتي من شأنها أن تساهم بشكلٍ كبيرٍ في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة. وتشمل هذه الأهداف:
- زيادة عدد الشركات العاملة في مجال التقنية المالية: تسعى الاستراتيجية إلى زيادة عدد الشركات العاملة في هذا المجال. إلى 525 شركة بحلول عام معين. وهو ما يشير إلى طموح كبير لتوسيع نطاق هذا القطاع الواعد.
- تعزيز التعاملات الرقمية: تهدف الاستراتيجية إلى زيادة نسبة التعاملات غير النقدية إلى 80%؛ ما سيساهم في تقليل الاعتماد على النقد وزيادة الكفاءة في النظام المالي.
- زيادة مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي: تستهدف الاستراتيجية زيادة مساهمة قطاع التقنية المالية في الناتج المحلي الإجمالي إلى 13.3 مليار ريال؛ ما يعكس الأثر الاقتصادي الكبير المتوقع لهذا القطاع.
- خلق فرص عمل: تسعى الاستراتيجية إلى خلق 18 ألف وظيفة جديدة في قطاع التقنية المالية؛ ما يساهم في توفير فرص عمل للشباب السعودي وتطوير الكوادر الوطنية.
- جذب الاستثمارات: تهدف الاستراتيجية إلى جذب استثمارات بقيمة 12.2 مليار ريال في مجال الاستثمار الجريء؛ ما سيساهم في تمويل الشركات الناشئة ودعم نموها.
قطاعات مستهدفة
تركز استراتيجية التقنية المالية السعودية على عدد من القطاعات الحيوية. والتي من المتوقع أن تشهد تحولًا كبيرًا بفضل التقنيات المالية، ومن أهم هذه القطاعات:
- البيع بالتجزئة على مفترق طرق: من المتوقع أن يشهد قطاع التجزئة السعودي تحولات جذريه بفضل الحلول الرقمية المبتكرة. فمع انتشار حلول الدفع الرقمي وتزايد الاعتماد على التجارة الإلكترونية، ستصبح تجربة التسوق أكثر سهولة ومرونة. في حين من المتوقع أن تساهم هذه التحولات في تعزيز نمو هذا القطاع الحيوي، وتوفير فرص عمل جديدة.
- ثورة رقمية في قطاع العقارات: سيغير قطاع العقارات شكله التقليدي بفضل التقنيات المالية. فمع توفير منصات رقمية متكاملة، ستصبح عمليات البيع والشراء والتأجير العقاري أكثر شفافية وسرعة. كما ستساهم هذه التقنيات في تسهيل إجراءات التمويل العقاري، وتوفير معلومات تفصيلية عن العقارات المعروضة.
- النقل يرتقي إلى آفاق جديدة: قطاع النقل على موعد مع ثورة رقمية ستغير الطريقة التي نستخدم بها وسائل النقل. فمع تطبيقات الهواتف الذكية المتطورة، ستصبح حجز وتسديد تكاليف وسائل النقل أكثر سهولة وسرعة. كما تعمل هذه التقنيات على تحسين إدارة حركة المرور، وتقليل الازدحام.
- الضيافة تستقبل المستقبل: ستشهد صناعة الضيافة تطورات ملحوظة بفضل التقنيات المالية. ومع توفير منصات حجز فورية ودفع آمن، ستصبح تجربة الإقامة في الفنادق والمطاعم أكثر سلاسة وراحة. كما ستساهم هذه التقنيات في تخصيص الخدمات المقدمة للنزلاء، وتحسين تجربة العملاء.
- الاستثمار يفتح أبوابه للجميع: ستوفر التقنيات المالية أدوات استثمارية مبتكرة ومتنوعة. ما يتيح للمستثمرين من مختلف الشرائح المشاركة في الأسواق المالية بسهولة ومرونة. كما ستساهم هذه التقنيات في تعزيز الشمول المالي، وتمكين الأفراد من إدارة أموالهم الاستثمارية بشكل أكثر فعالية.
- الرعاية الصحية تخطو خطوات نحو التحول الرقمي: بينما سيشهد قطاع الرعاية الصحية تطورات كبيرة بفضل التقنيات المالية. فمع توفير سجلات طبية إلكترونية متكاملة، ستصبح إدارة المعلومات الصحية أكثر كفاءة وأمانًا. كما ستساهم هذه التقنيات في تسهيل عمليات الدفع عن الخدمات الصحية، وتحسين تجربة المرضى.
تطلعات مستقبلية واعدة
في النهاية، تؤكد استراتيجية التقنية المالية السعودية على أهمية هذا القطاع في دفع عجلة التنمية الاقتصادية، وتحقيق رؤية المملكة 2030. كما من المتوقع أن تشهد السنوات المقبلة المزيد من الإنجازات في هذا المجال؛ ما يساهم في تعزيز مكانة المملكة كمركز إقليمي رائد في مجال التقنيات المالية.
الرابط المختصر :
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة راواد الأعمال ولا يعبر عن وجهة نظر جريدة النهاردة وإنما تم نقله بمحتواه كما هو من رواد الاعمال ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.