كثيرة هي الدوافع التي تدفع المؤسسات والشركات إلى الانخراط في عالم الأعمال التنافسي، وتلك الدوافع تتراوح بين تحقيق الأرباح المالية وصولًا إلى تحقيق أثر اجتماعي إيجابي. ولكن يبقى السؤال الأهم: كيف يمكن لهذه المؤسسات أن تضمن نجاح مشاريعها وتحقيق أهدافها؟ الجواب يكمن في دراسة حجم السوق، تلك الأداة الاستراتيجية التي تمكن المؤسسة من تقييم فرص النمو وتحديد حجم الإمكانات المتاحة لها.
دراسة حجم السوق ليست مجرد عملية رقمية جافة، بل هي رحلة استكشافية داخل أعماق السوق المستهدف. فهي تتيح للمؤسسة أن تفهم سلوك المستهلكين، وتحدد احتياجاتهم ورغباتهم. كما تتعرف أيضًا على المنافسين وأساليبهم التسويقية.
علاوة على ذلك تساعد هذه الدراسة في تحديد الشريحة المستهدفة بدقة. ما يساهم في توجيه الجهود التسويقية بشكل أكثر فعالية.
فهرس المحتوي
دراسة حجم السوق
من ناحية أخرى تعد دراسة حجم السوق بمثابة خارطة طريق للمؤسسة؛ حيث تحدد لها الاتجاهات المستقبلية للسوق وتساعدها في توقع التغيرات المحتملة. كما أنها تكشف عن الفرص المخفية التي يمكن للمؤسسة استغلالها لتحقيق التميز التنافسي. بينما قد يعتقد البعض بأن هذه الدراسة مخصصة للشركات الكبرى، إلا أنها ضرورية لكل مؤسسة تسعى للنمو والتطور، بغض النظر عن حجمها أو طبيعة نشاطها.
وتؤدي دراسة حجم السوق دورًا محوريًا في عملية اتخاذ المزيد من القرارات الاستثمارية. فهي تزود المستثمرين بالمعلومات اللازمة لتقييم جدوى المشاريع وتحديد المخاطر المحتملة. حيثما تكون هناك فكرة مشروع جديدة فإن تحديد حجم السوق هو الخطوة الأولى التي يجب اتخاذها قبل البدء في تنفيذ المشروع. فمن خلال هذه الدراسة يمكن للمستثمرين التأكد من أن هناك سوقًا كافية للمنتج أو الخدمة التي يتم طرحها.
إذًا يمكن القول إن دراسة حجم السوق هي أداة أساسية لكل من يريد تحقيق النجاح في عالم الأعمال. فهي توفر للمؤسسات والشركات رؤى قيمة تساعدهم في فهم السوق بشكل أفضل واتخاذ القرارات الاستراتيجية الصحيحة. كما أنها تساهم في تقليل المخاطر وتحسين فرص النجاح. لذلك فإن الاستثمار في دراسة حجم السوق هو استثمار في مستقبل الأعمال.
تحديد حجم السوق
يعد تحديد حجم السوق وتقديره وتحليله من أهم الخطوات التي يجب على أي مشروع ناشئ أو شركة قائمة اتخاذها. فحجم السوق يشبه الخريطة التي ترشدك إلى فرص النمو المحتملة، وتساعدك في تقييم مدى جاذبية مشروعك في نظر المستثمرين. فهل تعلم أن الفشل في تقدير حجم السوق بدقة قد يؤدي إلى فقدان فرص تمويلية هائلة؟
مفاهيم رئيسية يجب إتقانها
قبل الغوص في تفاصيل حساب حجم السوق لا بد من فهم بعض المصطلحات الأساسية التي تشكل حجر الزاوية في هذه العملية. مثل: “TAM وSAM وSOM”؛ فهي بمثابة خارطة طريق لتحديد حجم الفرصة المتاحة لأي منتج أو خدمة جديدة.
يمثل إجمالي السوق القابل للعنونة (TAM) الحجم الإجمالي للسوق الذي يمكن لمنتج أو خدمة معينة الوصول إليه. إنه يشير إلى الإمكانات القصوى التي يمكن للشركة تحقيقها إذا استطاعت الوصول إلى جميع العملاء المحتملين.
لحساب TAM بدقة يجب على الشركات إجراء تحليل شامل للسوق، بما في ذلك: تحديد حجم السكان المستهدف، وتقدير حجم الإنفاق على المنتجات أو الخدمات المماثلة، وتقييم العوامل الاقتصادية التي تؤثر في الطلب.
بينما يمثل TAM الإمكانات القصوى فإن السوق المتاحة (SAM) تركز على الجزء من TAM الذي يمكن للشركة الوصول إليه بشكل واقعي.
يتم تحديد SAM من خلال تحليل عوامل مثل: التوزيع الجغرافي، وقنوات التوزيع المتاحة، والقيود التنظيمية، والمنافسة. علاوة على ذلك يجب على الشركات أن تأخذ في الاعتبار التفضيلات والاحتياجات المحددة للعملاء المستهدفين عند تحديد SAM.
حصة السوق (SOM) هي النسبة المئوية من السوق التي تستحوذ عليها الشركة. ويتم حسابها بقسمة مبيعات الشركة على إجمالي مبيعات السوق.
ويعد SOM مؤشرًا مهمًا على قوة الشركة وقدرتها التنافسية. كما أنه يساعد في تقييم أداء الشركة مقارنة بمنافسيها. من ناحية أخرى يمكن استخدام SOM لتحديد الأهداف المستقبلية للشركة وفرص النمو.
أهمية تقدير حجم السوق
عندما تسعى المشاريع الناشئة إلى جذب المستثمرين بشكلٍ مباشر وتحقيق النمو يصبح تقدير حجم السوق بدقة أمرًا بالغ الأهمية. بالطبع حجم السوق هو عنصر محوري في أي عرض استثماري، ويمكن أن يصبح الفارق بين النجاح في جذب أفضل المستثمرين أو الفشل في ذلك.
كما أن الفهم الجيد لحجم السوق يسهم بشكلٍ كبيرٍ في تحديد مدى قدرة الشركة على التوسع وتحقيق الأرباح على المدى الطويل. علاوة على ذلك يساعد هذا الفهم في توجيه الموارد والجهود نحو الفرص الأكثر جدوى.
-
الشركات الاستثمارية وأولوية “حجم السوق الكبير”
عادة ما تضع الشركات الاستثمارية الكبرى حجم السوق الكبير كأحد أهم معايير اتخاذ القرارات الاستثمارية. في الواقع يُشير حجم السوق الكبير إلى الإمكانيات الواسعة للنمو والربحية، وهو بالتأكيد ما يجعل المستثمرين يرون فيه فرصة مثيرة.
وعندما أصبح المؤسسون يدركون هذه الأولوية أصبحت المناقشات حول كيفية تقدير حجم السوق أكثر انتشارًا ووضوحًا في بيئة الشركات الناشئة. بالطبع هذا الاتجاه يعكس تزايد الوعي بأهمية التحليل الاستراتيجي للسوق وتأثيره في نجاح الشركة.
-
تحديات تقدير حجم السوق
من ناحية أخرى يواجه بعض المؤسسين تحديات كبيرة في تقدير حجم السوق بشكل دقيق. وفي حين أصبحت بعض الطرق الحسابية معتمدة على نطاق واسع في الصناعة إلا أن الكثير من المؤسسين يخطئون في فهم هذه الطرق أو تطبيقها بشكلٍ صحيح.
هذه الأخطاء قد تؤدي في النهاية إلى تقديرات غير دقيقة تؤثر سلبًا في قرارات الشركة واستراتيجياتها. كذلك يمكن أن تضعف هذه التقديرات من ثقة المستثمرين المحتملين في قدرة الشركة على تحقيق أهدافها.
-
مشكلة “فرصة السوق البالغة مليار دولار”
إحدى المشكلات الأكثر شيوعًا هي التركيز المفرط على تحقيق فرصة السوق البالغة مليار دولار. وبينما يسعى العديد من المؤسسين إلى تحقيق هذا الرقم الرمزي فإن هذا التركيز قد يأتي على حساب تحليلات أكثر دقة وواقعية.
هذا الهوس برقم المليار دولار يمكن أن يؤدي إلى افتراضات منحرفة وفقدان الفرص لتقييم السوق بشكل نقدي وعميق. كما أنه قد يجعل المؤسسين يغفلون عن الفرص الصغيرة ولكن المربحة التي قد تكون أكثر ملاءمة لأعمالهم.
-
استراتيجيات لتحسين تقدير حجم السوق
في حين أن تقدير حجم السوق يشكل تحديًا كبيرًا في بعض الأحيان إلا أن هناك العديد من الاستراتيجيات الفعّالة التي يمكن أن تساعد المؤسسين بشكلٍ قوي في تحسين دقة تقديراتهم. على سبيل المثال: يمكنهم الاستفادة من تحليل السوق الشامل الذي يتضمن بيانات موثوقة وأساليب تحليلية متعددة. مثل: تحليل الاتجاهات السوقية والتقييمات المقارنة.
كذلك من المهم أن يبقى المؤسسون على تواصل مستمر مع المستثمرين والخبراء للحصول على آراء نقدية ومعلومات قيمة تساعدهم في تحسين تقديراتهم.
طرق تحديد حجم السوق
تشكل معرفة حجم السوق عنصرًا حاسمًا في عالم الأعمال؛ حيث يشكل بوصلة توجه الشركات نحو اتخاذ قرارات استثمارية مدروسة. فقبل الغوص في أي مشروع جديد يجب على الشركات أن تجيب عن سؤال أساسي: ما هو حجم السوق الذي تستهدفه؟ وما فرص النمو المتاحة فيه؟
للإجابة عن هذين السؤالين تتبع الشركات منهجيات علمية تعتمد على تحليل البيانات والمعلومات المتاحة.
-
النهج الأعلى إلى الأسفل
تعتمد الشركات في تحديد حجم السوق على نهج منهجي يبدأ من الكل وينتقل إلى الجزء. فمثلًا: إذا أرادت شركة جديدة أن تدخل سوق بيع الأدوات الرقمية في الولايات المتحدة فإنها تبدأ بتقدير حجم السوق بالكامل في البلاد. قد تكشف الأبحاث الأولية عن أن هناك حوالي 50,000 متجر متخصص في بيع الأدوات الرقمية بالولايات المتحدة.
ولكن لا تتوقف العملية عند هذا الحد. قد تقرر الشركة أن تستهدف منطقة جغرافية محددة، مثل: منطقة نيو إنجلاند، التي تحتوي على حوالي 1,000 متجر بيع الأدوات الرقمية. هذا التضييق في النطاق يساعد الشركة في التركيز على سوق أكثر قابلية للإدارة وتحليل فرص النمو فيه بشكل أدق.
-
تحليل البيانات وتحديد السوق المستهدف
بعد تحديد المنطقة الجغرافية المستهدفة تبدأ الشركة في جمع بيانات أكثر تفصيلًا. قد تتحدث مع موزعي الأدوات الرقمية لمعرفة معدل نجاح توزيع المنتجات الجديدة في السوق. لنفترض أن معدل النجاح هو 40%. هذا يعني أن الشركة قد تتمكن من اختراق 400 متجر متخصص في بيع المنتجات الرقمية من إجمالي السوق المستهدف في نيو إنجلاند.
علاوة على ذلك يمكن للشركة تقدير الإيرادات المحتملة لكل متجر. إذا افترضنا أن متوسط الإيرادات التي يمكن تحقيقها من كل متجر لبيع الأدوارت الرقمية يبلغ 20,000 دولار فإن إجمالي الإيرادات المحتملة للشركة في هذا السوق يبلغ 8 ملايين دولار. هذا التحليل يساعد الشركة في تقييم جدوى الاستثمار وتحديد الموارد المطلوبة لتحقيق الأهداف المرجوة.
في النهاية يمكن القول إن دراسة حجم السوق ليست مجرد خطوة أولية في عملية اتخاذ القرارات الاستثمارية، بل هي ركيزة أساسية لبناء أعمال ناجحة ومستدامة. فمن خلال فهم عميق للسوق يمكن للشركات تحديد الفرص الواعدة وتطوير استراتيجيات تسويقية فعالة.
علاوة على ذلك فإن دراسة السوق تشجع على الابتكار وتساعد الشركات في التكيف مع التغيرات المستمرة داخل البيئة الاقتصادية.
الرابط المختصر :
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة راواد الأعمال ولا يعبر عن وجهة نظر جريدة النهاردة وإنما تم نقله بمحتواه كما هو من رواد الاعمال ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.